------
بغض النظر عن من يكون هذا الرجل العظيم بكلامه، وبغض النظر عن بماذا ختم الله له (وأحسبه على خير ولا أزكي على الله أحد) فإن هذا الرجل العظيم بوزن أمّة ..؟..
-----
وأفضل من كَسرَ عقبة المألوف في طرحه لعقيدة هذا الدين بما يتناسب مع ثقافة عصره، وأفضل من عرّف الناس بربهم بلغة الواقع الذي عاشه هو سيد قطب رحمه الله ..؟..
-----
وحتى لا يحسب على سيد قطب منهج من أرادوا في ظل كلامه القفز على نتائج إفتراضية وضعها سيد (رحمه الله) للفئة المؤمنة إذا حققت شرط الوعد في التمكين لدولة الدين فنريد أن نبين هنا بأن هناك فهم خاطيء لمنهج سيد قطب حدث في ظله خلط بين الوسيلة ..وبين الغاية في منهج هذا الدين،
-------
والمنصف في اتباع كلامه يجد أن السيد قطب دائما يطرح العقيدة ومنهج الدين المفترض أن يكون ولكن دائما يشير الى التفريق ..بين الغاية وبين الوسيلة ..ويدرك بان دولة الدين وسيلة مقيدة بسنن حسب مشئية الخلق في القدرة والارادة البشرية، ويدرك بان قيام دولة الدين والاستخلاف في الارض مرتبط بتحقيق شرط الوعد (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) ..(وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ..؟..
--------
وقَفَزَ (في ظل هذا الخلط في فهم كلام السيد) الكثير من منتسبي هذا الدين إلى نتائج ومقتضيات عمليّة بدون أرضية تحدد براءة الذمة في التكليف الشرعي، وغابت عنهم حقيقة الغاية المعنيّة بتحقيق العبادة لله وحده كما دعت إليها الرسل الكرام في كل أمّة (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون )
---------
والسيد قطب عندما يتكلم عن حقيقة الإسلام ويقول بأنها منهج حياة شامل، ويقول (من مضمون كلامه) بأن الإسلام لا يملك أن يؤدي دوره إلا بأن يتمثل في مجتمع مسلم يحتكم لشريعة الله ويقيم حدوده، وحين يرى بأن العقبة أمام الاسلام تكمن في السلطان والأنظمة الحاكمة فإنه لا يغفل البتّة عن مراحل التكوين لهذا المجتمع في تصوّره، والتي تبدأ معالم طريقها بوجود جماعة غايتها أن تعبد الله وحده، تسعى لتغْيير أنفسها قبل سعْيَها لتغْيير الواقع بمخالفة السُنن، معتبرة في ذلك (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
---------
والسيد لا يغفل البتة عن التفريق بين الوسيلة وبين حقيقة الغاية في التصوّر الإسلامي، وغير مسؤول عن كل هذا الخلط القائم الآن على فهم خاطيء لدعوته بإعلان الجهاد والحديث عن قيام دولة للإسلام بدون أرضية العقيدة، وبدون إعتبار لسنن العادة وسنن العبادة المعنيّة بتحقيق شرط وعد التمكين (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)
--------
وسيد (رحمه الله) لم يُشخّص حالة عصره ولم يذكر النموذج الإسلامي إلا من باب الواقع الإفتراضي الذي يجب أن تكون عليه هذه المجتمعات حتى تصبح مجتمعات اسلاميّة وتخرج من حالتها الجاهليّة،
-------
ويدرك السيد تماماً بأن المسافة بين الواقع الذي عاشه وبين النمودج المنتظر بأنها مسافة بعيدة جداً حسب السنن، ويدرك بأنها لا تمر إلا عبر مراحل وفق السنن، وفي ظل وجود الجماعة المستحقة لوعد التمكين الذي جاء في قوله تعالى :- (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)
--------
وسيد (رحمه الله) يدرك بأن الاسلام خيار شعب يختار العبودية لله ويكفر بما يعبد من دونه، ويخلق توازن بإختياره حسب السنن ولا ينتظر الخوارق ..ويدرك بان دولة الدين ليست خيار جماعة أو طائفة تريد أن تحكم شعب باسم الدين في منهج ديمقراطي مخالف لتوابث حقيقة لا اله الا الله،
--------
والسيد قطب كَفَر بمنهج الإخوان المسلمين في نهاية حياته، ويدرك تماماً بأن الإسلام لا يقوم على عقيدة لا اله الا الشعب ولا يقوم بمنهج إنقلابي على السلطة بقوة السلاح لفرض شريعة الدين على ناس لم يكون الدين مطروح في خياراتهم، ورفض السيد (رفض قاطع) التنظيمات المسلحة كبداية مرحلة ..؟..
---؟؟؟---
فيجب أن ننظر دائماً بنظرة واقعيّة لحالة الواقع أمامنا وأين مكمن الداء فيه، بدون خلط في منهج من سبقونا، ولا نتبعهم بدون تحقيق لمناط ما نُقل عنهم، ولكل واقع خصوصيّة، وقضيّة الإسلام الآن ليست في طاغوت السلطان وفي تحكيم شرع الله كما فُهمت من كلام سيد رحمه الله،
---------
والقضيّة الآن هيَّ قضيّة شعوب ترفض مبدأ الدين من الأساس وترفض الإحتكام لشريعته، وليست القضيّة قضية إزالة من يحكم
من صفحة عبد الله محمد وغد
No comments:
Post a Comment